روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | أعاني مرارة غربة الحجاب.. في مدرستي؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات تربوية واجتماعية > أعاني مرارة غربة الحجاب.. في مدرستي؟


  أعاني مرارة غربة الحجاب.. في مدرستي؟
     عدد مرات المشاهدة: 2385        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة في الخامسة عشر من عمري. أعاني أنني وحيدة أمام إعصار في مدرستنا قلة الملتزمين وأنا الوحيدة التي ترتدي خمارًا بجانب معلمة، المشكلة هي أنني حساسة بدرجة كبيرة أعتبر النظرات علامة كافية على بغض الناس لي فأنا أعد شطحاء بجانب من اعتنوا بمظهرهم وأبدوا أكبر منهن سنًّا بالرغم أني إذا اعتنيت بمظهري فقتهن جمالًا. فأريد منكم قولًا يريح نفسي ويشفي غليلي فقد سئمت الوحدة المبرحة؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أيتها الأخت المتميزة ثبتك الله وسددك، وهدى زميلاتك على يديك.

إن تعرفت يا ذات الخمار على بعض خصائص المرحلة العمرية التي تمرين بها زال ما تشعرين به من قلق، فمن أبرز سمات مرحلة العمرية هذه ما يسميه علماء النفس: الحساسية الانفعالية، فردة فعل كثيرات ممن هم في مثل عمرك قد لا تتناسب مع المثير الذي سبب الانفعال، لذا من الطبيعي أن تَرَيْ في النظرة العابرة المقصودة أو غير المقصودة ما قد يجانب الواقع، وتشعري أن الناس يبغضونك، ثم تكتشفي بعد أمد أن العكس هو الصحيح... وأن كثيرات يرينك مثل ما أراك أنا فتاة متميزة، منّ الله عليها من بين كثيرات.

أختي المحتشمة إن من سمات من كنّ في مثل سنك هذه أيضًا المبالغة في الاهتمام بالمظهر، ومقارنة النفس بالآخرين بصورة لا شعورية، مع الحساسية الشديدة لتعليق من حولهن على مظاهرهن، فحتى لو كان تعليقًا عابرًا، أو مزاحًا لم يقصد به قائله غير المداعبة، تجد له الواحدة أثرًا، هذا بجانب ميل صويحبات هذه السن لصنع علاقات حميمة مع من هن في مثل سنهن. كل هذه السمات التي تميز حياة كثيرات في مثل عمرك جعلتك تشعرين بأنك منبوذة، وحيدة، غير مهتمة بمظهرك.

ولكن انظري إلى صورتك التي أراها من بين كلماتك هذه، والتي لا أريد أن أرسمها إلا كما أراها دون زخرفة أو تجميل.

أراك رغم صغر سنك فتاة متميزة عاقلة، تحترمين عقلك وتلتزمين بما تعتقدين، لا تقدمين على فعلٍ ما لمجرد أن من حولك فعلوه، بل تَزِنِيْنَ كل شيء بميزان الشرع والعقل ثم تقدمين أو تحجمين، ولهذا سألت.

أما قولك إنك لو اعتنيت بمظهرك لفقتيهن جمالًا فلم أفهمه، فأنا لا أشك في أنك تهتمين بمظهرك، بمعنى أنك طيبة الرائحة، تهتمين بالنظافة، وتحرصين على ترتيب شعرك، وعلى لبس ثياب متناسقة الألوان، تناسب سنك وقوامك، دون أن تكون ضيقة أو شفافة تكشف أكثر مما تستر. فهذه معاني العناية بالمظهر التي أعرفها والتي حض عليها الإسلام وجعل بعضها من سنن الفطرة.

أما إن كنت تقصدين بالاهتمام بالمظهر التبرج والسفور، وصبغ الوجه بالأحمر والأزرق والأخضر، وحبس الجسد في اللباس الضيق والمتهتك فيبدو أنك قد استعملت الوصف الذي أفلحت وسائل الإعلام في ترسيخه في نفوس الكثيرين، فالنساء يا ذات الخمار أمام الإعلام ثلاثة أصناف: صنف مخدوع، يستحسن ما استحسنته، ويستقبح ما استقبحته، ينساق خلفها دون وعي أو تفكير، يظن أن غاية التحضر ثياب رقاق، ووجه مصبوغ، وقَصَّة غربية، ولكنة أعجمية، ومِشية متكسرة، ونفس مستكبرة! ويرى أن المدنية والحضارة تتناسب عكسيًّا مع طول ثوب المرأة وعرضه!! لذا تجدين هذا الصنف يتهافت على كل ما تنتجه دور الموضة تهافت الفراش على النار، ولو نظرت إحداهن لما تفعله بنفسها بعين عقلها لتعجبت من صنيعها.

تخيلي! لو لم تكن هناك أي وسائل إعلام، لا فضائيات، ولا مجلات، ولا أفلام، ولا غير ذلك، أي كان مفهوم الجمال والتجمل عند النساء متحررًا من الإيحاءات التي يوصلها الإعلام عن طريق الممثلات وعارضات الأزياء وغيرهن، ثم طلبت منك إحداهن مساعدتها في زينتها فنقلت لها النصيحة التالية، وهي نصيحة حقيقية لواحد من خبراء التجميل المشاهير: لإشراقة خاصة وألوان رومانسية حالمة: انشري الظل الداكن على كامل الجفن العلوي ومديه على شكل سبعة،وزعي اللون الفاتح المشرق على الجفن السفلي، حددي عينيك بالكحل الأسود، انشري الظل البنفسج المزرق تحت خط الآي لاينر وضعي تحت الحاجب اللون الزهري الفاتح، خططي داخل العين باللون الكحلي، وارسمي حاجبيك باللون البني الطبيعي، أما الشفتان فاطليهما باللون الوردي الطبيعي، وغلفيهما بملمع الشفاه ذي الانعكاسات الضوئية. فما تظنين أن صاحبتك ستفعل بك؟ ستقول لك لو أحسَنَتِ الظنَّ بك إنها ليست بهلوانًا ولا مهرجًا. وهذا هو واقعهن أدركن ذلك أم لم يدركنه.

أما الصنف الثاني: ففيه بقية من حياء، لم تفلح وسائل الإعلام في التأثير الشديد على مظهره لكنها استطاعت أن تفسد ذوقه، فالواحدة منهن تلبس ثيابًا معقولة، وقد تحرص على الحجاب لأنها مكلفة، لكنها تحس في قرارة نفسها أن الحجاب نوع من الحرمان، ومفهوم الجمال والعناية بالمظهر هو نفس مفهوم الفئة الأولى، لذا فالواحدة منهن تحرص أن يكون لباس بناتها الصغيرات (على الموضة) ليتمتعن بحياتهن وجمالهن قبل أن يحرمن بالتكليف!

أما الصنف الثالث: جعلني الله وإياك منهن، فهن اللائي لم يغرهن ما تروجه هذه الوسائل من مفاهيم، بل يجعلنها عرضة للنقد ثم الأخذ أو الرد، يعرفن أن الله تعالى امتن عليهن بمنتين عظيمتين، وهما نعمة الإسلام ونعمة العقل، ويعرفن أن مِنْ شكر نعمة الإسلام الاستقامة عليه، ومِنْ شُكر نعمة العقل إعماله قبل الإقدام على أي فعل. والعقل والإسلام كلاهما يدلان على أن المرأة مجبولة على حب التزين والتجمل، ويدعوانها لذلك لكن بضوابط معينة. فلها أن تستعمل أدوات التجميل المختلفة، وتنتقي ما تحب من عطور ولباس لكن لا تبدي أي شيء من ذلك للرجال، ولا تبالغ في التكشف بلبس الضيق والقصير أمام النساء، أما أمام زوجها فلها أن تفعل ما تشاء.

اعذريني أيتها الفاضلة على الاستطراد فقد أثرت بسؤالك هذا شجونًا طالما آثارتها مظاهر أراها تتكرر أمام ناظري بين الضحايا صريعات الإعلام من الفاضلات. بقي أن أقول لك لا تجعلي من نفسك أسيرة لمثل هذه الأحاسيس، واستشعري أن الله تعالى اصطفاك من بين زميلاتك هؤلاء ومن عليك بالتوفيق للطاعة، فاحمديه على ذلك، واشكري نعمته بالحرص على الطاعة، ودعوة زميلاتك للالتزام بأمر الله. وتعاوني مع معلمتك في تنظيم بعض البرامج المناسبة، والتأثير على زميلاتك بالأسلوب المناسب، فلعل الله أن يهدي بك من تكون لك عونًا على مرضاة الله.

جملك الله بالعلم، وزينك بالحلم، وأكرمك بالتقوى.

واسلمي لأختك المكبرة المحبة.

الكاتب: أسماء عبدالرازق.

المصدر: موقع المسلم.